الرواقية والعبثية: مقارنة فلسفية بين التنظيم الكوني والتمرد الوجودي

 

بعد م نزلنا المقالة اللي اتكلمنا فيها عن معنى العبث وعن الاتجاه الفلسفي والادبي وكمان الفرقة المسرحية جالنا كومنت بيقول "هي العبثية و الرواقية بيتعارضوا مع بعض بشكل عام ؟؟"

بالنسبة ليا ف كلمة الرواقية دي كانت جديدة عليا وتحمشت لانى أعرف عنها أكتر واشوف هل هي فعلا بتتعارض مع العبثية ولا لا. 

إيه هي الرواقية

مدرسة فلسفية تأسست في أثينا على يد "زينون" الرواقي عام 300 ق.م، واتسمت نسبة ل الباحة المزينة، المكان اللي كان زينون وأتباعه بيدرسوا فيه.

تطور الرواقية كان في ثلاث أطوار رئيسية: 

• الرواقيون الأوائل (زينون وأبوكسيوس). 
•  والرواقيون المتوسطون (مثل بوسيدونيوس). 
• والرواقيون المتأخرون (مثل سينيكا وماركوس أوريليوس). 

ومع إن اسمها حاليا مرتبط بفكرة "التحمل الصامت" ، إلا إن أصل الفلسفة بيركز على تنمية الفضائل ومحاكاة النظام الكوني (اللوغوس)، مش على قمع المشاعر بشكل أعمى.

المبادئ الأساسية للفلسفة الرواقية:

1.  العيش وفق الطبيعة: الرواقيون شايفين إن الكون مبنى على منطق واحد (لوغوس)، والواجب الإنساني هو التعايش بتوافق مع المنطق دا من خلال العقل والفضيلة .
2.  التفرقة بين اللي بنملكه واللي مش بنملكه: الرواقيون بينصحوا بالتركيز على الحاجات التي تحت سيطرتنا زي أفكارنا وأفعالنا، والقبول الهادئ ل الحاجات اللي منقدرش نغيرها. 
3.  الفضائل الأربع: وهم

• الحكمة: العقل للتمييز بين الصواب والخطأ.ل
• العدل: التعامل بإنصاف واحترام للآخرين.
• الشجاعة: مواجهة الصعوبات والثبات في المِحن. 
• الاعتدال: ضبط الرغبات والشهوات .

أهداف الفلسفة الرواقية:

الرواقين شايفين إن الفضيلة لوحدها كافية للسعادة، ومش معتمدة على الحظ أو الظروف الخارجية. وكان هدف فبسفتهم الأباتيّا والإيكيويريا. 

• الأباتيّا: دي حالة حالة خالية من الانفعالات المدمرة، بس مش انعدام المشاعر تمام للمشاعر، لكن تنظيمها بالعقل .
• الإيكيويريا: هي السعادة بالمعنى اليوناني، وبتشير إلى العيش وفق الفضيلة، وهي غاية الإنسان العليا.

هل الرواقية العبثية متعارضين؟

جينا للسؤال المهم اللي بسببه اصلا بكتب المقالة دي ... تعالوا الأول نشوف موقف الرواقية من معنى الحياة. 

الرواقيون بيؤمنوا بوجود "لوغوس" كقوة كونية حكيمة، وإن الإنسان مدعو لمشاركة النظام بإنه يكون فاضل وعقلاني.

طب كان إيه موقف العبثية من الكلام دا؟! 

العبثية، زي ما في فلسفة ألبير كامو، ف هي بتشوف إن الكون عدمي وصامت تجاه أسئلة الإنسان الكبرى، ومحاولة إننا نلاقي إجابات أو معنى بتنتهي بالفشل. 

نقاط التعارض الأساسية بين الرواقية والعبثية 

•  وجود معنى موضوعي:

في الرواقية الكون منظم، وفيه معنى موضوعي متجسد في اللوغوس ... أما في العبثية الكون مش بيقدم أي إجابات، والبحث عن معنى بيؤدي لإدراك العبث.

• دور العقل والقبول:

الرواقين بيستخدموا العقل لضبط الانفعالات والقبول المنطقي بالقدر ... أما العبثيون شايفين إن العقل محدود في فهم الوجود، ورافضين إنهم يقعوا في الوهم بمعاني كونية ثابتة. 

• التعامل مع المعاناة:

الرواقين بيميلوا لضبط النفس والقبول الهادئ ... العبثيون بيميلوا للتمرد واللامبالاة المتعمدة. 

أما نقاط التقاطع المحتملة بين الرواقية العبثية 

• الاتنين بيدعوا لمواجهة صعوبات الوجود بشجاعة وعدم الاستسلام قدام المحن.

• الاتنين بيدعموا الحرية الداخلية ... العبثي بيختار التمرد والحرية رغم العبث ... الرواقي بيتحرر من الانفعالات السلبية معتمدا على العقل والفضيلة.

وفي الاخر ... الرواقية والعبثية بيقدموا رؤيتين متباينتين لمعنى الحياة ودور الإنسان فيها ... الرواقية مبنية على وجود نظام كوني ومعنى موضوعي ... العبثية بتبدأ من انعدام معنى الكون وصمته. 

ومع وجود تعارض واضح في أصل ورؤية كل واحدة فيهم حول القدرة على إيجاد معنى موضوعي ... إلا إنهم اتفقوا في مواجهة صعوبات الوجود ببسالة، والسعي للحرية الداخلية من غير اللجوء لعوامل خارجية. 

وبالمنهجين دون يقدر الشخص اللي بيدور على إنه ياخد من كل اتجاه منهم اللي يخزم نموّه الشخصي ويخلق له فلسفة حياة متوازنة.

قولولنا بقى بتتبعوا أنهي فلسفة ... الرواقية ولا العبثية ... ولا عملته اتجاه خاص بخلط الاتنين سوا؟!! 

كتابة: 𝓑𝓜𝓓